بالنسبة لتعدادها السكاني الذي لا يفوق الـ 50 مليون نسمة، كوريا الجنوبية لها الحق أن تفتخر بما حققته في مجال البلوكتشاين و خاصة في الجانب الإقتصادي من ذلك. هذا البلد يعتبر الآن ثالث أكبر قوة من حيث حجم تداول العملات المشفرة، بعد اليابان و الولايات المتحدة الأمريكية.
كيف تبقي كوريا الجنوبية أسعار العملات الرقمية تحت السيطرة ؟
من مصلحة أي بلد سواء كانت كوريا أو غيرها، أن تكون أكثر عملة يتم الإستثمار فيها تتمتع بالإستقرار و الجاذبية في نفس الوقت. الحكومة سمحت لحوالي 10 منصات تداول بالعمل، لتحيط بذلك مجال التداول ببعض التحكم. كيف؟
كوريا الجنوبية لها كثافة سكانية تساوي كثافة ولايتي كاليفورنيا و أريزونا الأمريكيتين، و بالتالي عدد الـ Exchanges المتواجدة هناك زائد عن حاجة المستثمرين. لكن عندما يستغل هذا بشكل جيد، يتحول الأمر من نقمة إلى نعمة. حيث تم إستغلال النشاط الزائد من قبل رواد الأعمال الراغبين في فتح شركات تعمل بالعملات الرقمية، لنشر الوعي حول البيتكوين و التعدين و الإيثريوم بدرجة أولى و أيظا باقي العملات الرقمية. لتصل نسبة الكوريين الذين لديهم علم بهذا المجال إلى تقريبا و كعدد نظري إلى 99 بالمئة، و لتصل أيظا نسبة المستثمرين الذين حققوا إجمالي إستثمارات مربحة إلى 85 بالمئة. حتى أن ثلث العاملين في القطاع العام، لديهم في المتوسط 5000 دولار على شكل عملة مشفرة.
لكن كيف و بالتحديد تؤثر الحكومة الكورية نوعا ما على الأسعار ؟
هذا كان و لازال كائنا بسبب عاملين و هما : القوانين و التخمينات.
أول قانون مؤثر في سوق كوريا الجنوبية كان تقنين و إجازة التعامل بالبيتكوين. أدى هذا اناذاك، بدخول العديد من البنوك السباق لتوفير خدمة الدفع بالبيتكوين ثم الدفع بعملات أخرى. إصدار قانون يحد من التداول الكبير لهذه العملات كان متوقعا بل و مطلوبا من قبل العديد من الخبراء و المستثمرين، خاصة بعد إكتشاف ما يفوق 600 مليون دولار تدور في البنوك و منصات التداول ناتجة عن عمليات تداول غير قانونية. لكن الحكومة و البنك المركزي إكتفيا بإصدار قانون يجبر المتداولين بالإفصاح عن هوياتهم الحقيقة قبل التداول، و بالتالي منع التعاملات المجهولة أو Anonymous. و حتى بعد تعرض الكثير من الشركات الكورية العاملة في هذا المجال إلى الإختراق أو على الأقل محاولات الإختراق لم يتخذ المشرع أي قرار فيه حدة أو تضييق على النشاط التجاري و المالي في البلاد.
أما التخمينات فهي كما قلنا عن عدد منصات التداول، زائدة و محيرة في إتخاذ القرارات. إحداث الجلبة قبل حدوث الحادثة يرفع من المهتمين بمعرفة ما سيحصل و يرفع أيظا من طمع الناس بالإستفادة من الحادثة، و الحادثة هنا أو الحوادث إن صح التعبير كانت و يمكن أن تتكرر، هي الإرتفاعات السريعة جدا لأسعار العملات الرقمية خاصة البيتكوين. التخمينات المجنونة و التي لا تعرف التفاهم في كوريا الحنوبية جعلت السوق هناك متفوقا على كل الأسواق الأخرى، خاصة من حيث السعر. فلاطالما كان سعر الأصل في كوريا مرتفعا عن باقي البلدان بـ 30 بالمئة على الأقل. نتيجة الطلب المتزايد، الحجم الكبير الذي فاق حجم تداول الصين (بلد به أكثر من 1.37 مليار نسمة) و أيظا التحفيز و خلق مساحة واسعة و محيط ملائم للإستثمار.
حال تداول العملات الرقمية في كوريا الجنوبية و أثره على الوضع العام للسوق العالمية
تداول العملات المعماة في كوريا يكون في معظم الأحيان عن طريق الحسابات البنكية الإفتراضية. هذه الحسابات هي أقل تكلفة من الحسابات الحقيقة و أكثر سرعة و فعالية في تسيير المعاملات المالية. Shinhan Bank الذي هو ثاني أكبر بنك في كوريا الجنوبية، يوفر خدمة الحسابات الإفتراضية إلى جانب خدمة التداول. التداول يكون بالدولار أو بالـوان الكوري أو بالعملات الرقمية بين بعضها البعض. هنا يدخل الشك و السؤال حول الخطوة التالية للمشرع، لان استمرار الوضع هكذا يشجع على زيادة التعملات المشبوهة خاصة الإستثمارات القائمة على رفع السعر بسرعة كبيرة ثم خفضه مباشرة للحصول على هامش ربحي كبير بعيدا عن المنافسة. المشكل هنا ان هذا الربح هو ناتج عن خسارة من دخل في سباق الإستثمار متؤخرا، و لا داعي للحديث عن العملة و مصيرها فقيمتها ستهبط للصفر مباشرة. كما هو واضح هنا، هكذا سوق لازال أمامه الكثير ليحقق الإستقرار و كوريا الجنوبية هي بمثابة ساحة حرب مفتوحة يفوز فيها الأكثر دهائا. لكن و مع ذلك و على خلاف كل التوقعات، الأرقام التي تعكس الواقع تشير إلى استفادة العامة و أصحاب الأعمال الخاصة من حجم التداول الهائل للعملات الرقمية.
[…] الأخرى المتعلقة بها. بسبب هذه الطفرة في تكنولوجيا العملات الرقمية و التي لا تتطلب وساطة ولا تتحكم بها أي […]